ACLS

Assad’s-New-Weapons-of-Mass-Destruction

المخدرات: أسلحة الدمار الشامل الجديدة لدى الأسد

جدول المحتويات

Listen to this article

عندما استخدم الدكتاتور السوري بشار الأسد الأسلحة الكيماوية ضد المجتمعات السورية، وجد نفسه موضع سخط العالم الحر. ولكن عندما يستخدم سلاح الكبتاغون الخاص به ضدهم، فإن هجماته تكون غير مرئية للعالم الخارجي، مما يجعل قيام الأسد بإيذاء السوريين بالمخدرات جريمة مثالية بدون أي أثر أو ضوضاء.

لقد أصبح مسار تصنيع وتهريب النظام السوري للمخدرات ظاهرًا على شاشة الرادار الأمريكية الآن، فقد وافق مجلس النواب الأمريكي مؤخرًا على مشروع قانون يهدف إلى تفكيك إنتاج الكبتاغون والاتجار به، ويستهدف هذا التشريع بشكل واضح نظام الأسد وحلفائه، لأن معظم شبكات الإنتاج والتوزيع في سوريا ولبنان تخصهم. إذ يقع أكبر مصنع للكبتاغون في المنطقة ضمن محافظة اللاذقية السورية، ويديره ماهر شقيق بشار الأسد وقائد الفرقة الرابعة في الجيش السوري، حيث يدير ماهر إمبراطوريته في مجال المخدرات بمساعدة الحرس الثوري للنظام الإيراني وفرعه في المنطقة: “حزب الله”.

تحدث مركز ACLS مع نشطاء سوريين على الأرض تمكنوا من إعطائنا لمحة عن واقع الاتجار بالمخدرات في مناطق سيطرة نظام الأسد، وقد أفادوا أن الكبتاغون الخاص بالأسد يوزع بشكل شبه مجاني في المدارس والأسواق في العديد من القرى والبلدات السورية، وخاصة في منطقتي حلب ودير الزور، وقد حول “حزب الله” والحرس الثوري تلك الأخيرة إلى معقل لهم، حيث يدير الإيرانيون وميليشياتهم ما لا يقل عن سبعة مصانع لإنتاج الكبتاغون، إلى جانب مناطق زراعة القنب.

يتفهم السوريون بوضوح لماذا قرر بشار الأسد وعائلته أن يصبحوا من أهم عصابات المخدرات في العالم، ففي مواجهة العزلة والضغط الدوليين، تُعد صناعة الكبتاغون ضرورية للحفاظ على نظام الأسد، إذا يهدف الأسد من خلال إنتاج وتهريب المخدرات إلى تحقيق ثلاثة أهداف في وقت واحد: الأول هو تمويل آلة الحرب ضد الشعب السوري وبالتالي البقاء بمعزل عن آثار العقوبات الدولية، والثاني هو استخدام الكبتاغون كسلاح لتدمير المجتمع السوري وجعل السوريين مطيعين، والثالث هو استخدام الكبتاغون لشن هجوم انتقامي على دول المنطقة، وخاصة في منطقة الخليج، التي دعمت القضية السورية ضد حكمه.

في درعا، حيث بدأت الثورة السورية في عام 2011، يعتقد السكان المحليون أن نظام الأسد أدخل عمداً تجارة الكبتاغون وتوزيعه كجزء من استراتيجية النظام لإبادة السكان المحتضنين للثورة السورية ، والانتقام من المجتمعات الجنوبية المتمردة ضده.

ظهر الكبتاغون في الجنوب عندما وصلت الظروف إلى نقطة يائسة، فقد تم إجبار السكان في منطقة درعا على الدخول في اتفاقيات “مصالحة” سيئة النية مع نظام الأسد وروسيا في عام 2018، ثم وجد السكان أنفسهم مستهدفين بشكل مكثف من قبل أجهزة الأمن التابعة للنظام ومعزولين عن التجارة العادية ووصول المساعدات الإنسانية.

بحلول عام 2019، كانت أعراض حصار النظام على الجنوب عنيفة: انتحار الشباب والكبار، والعنف المنزلي والاجتماعي، وتدمر العائلات. وكان ظهور الكبتاغون في أوساط شباب المنطقة بدفع من الأسد و”حزب الله” بمثابة القشة الأخيرة لكثير من الجنوبيين.

منذ ما يقرب من ثلاث سنوات حتى الآن، نظم الجنوبيون بهدوء مقاومة مدنية ضد تجار المخدرات المدعومين من النظام، باعتبارها الحل الوحيد المتاح لهم، وعليه فقد صعَّبت تحركاتهم الشعبية من عملية التهريب بين تحالف عصابات المخدرات المكون من نظام الأسد وإيران و”حزب الله”، وفي منطقة درعا، كان على المجتمعات المحلية أن تتحد سويًا لمحاولة وقف توزيع المخدرات وفرض القانون والنظام في غياب الدولة السورية، لأن الدولة السورية نفسها هي مصدر المخدرات.

تحدثنا إلى مصادر محلية لمعرفة كيف تحارب مجتمعات درعا تجار المخدرات، حيث أفادت إحدى الجهات بأن السكان المحليين في درعا قد نفذوا القانون بأياديهم، ونظموا قوانينهم الخاصة لمكافحة المخدرات، وأعلنوا مراسيمهم ضد توزيع الكابتاغون.

تم تعقب العديد من مهربي المخدرات في منطقة درعا من قبل الجماعات المحلية التي أصدرت حكمًا مستعجلًا وتسببت بمقتل المهربين في بعض البلدات والقرى. كان لهذه العدالة الأهلية تأثير رادع على بعض المهربين وخفضت مستوى التوزيع في منطقة حوران حول درعا.

تراقب المجتمعات في مناطق أخرى من سوريا مقاومة الجنوبيين، لكن المجتمع المدني في المناطق الأخرى التي يسيطر عليها النظام لا يمكنه تنظيم نفسه بالطريقة التي قام بها سكان درعا، إذ يجد الآباء السوريون أنفسهم في العديد من المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، غير قادرين على حماية أسرهم وشبابهم من المخدرات التي تتاجر بها الحكومة السورية نفسها، تلك الحكومة التي من المفترض أن تكون حامية هذه المجتمعات، بينما هي في الواقع تاجر المخدرات المجرم فيها.

أما بالنسبة لردود فعل السوريين على الإجراءات الأمريكية الأخيرة لتفكيك تحالف تجارة الكبتاغون الذي أنشأه الأسد وحلفاؤه، فليس لدى السوريين الذين تحدثنا معهم ثقة كبيرة في أن أمريكا ستتبعها إذا وضعت خطاً أحمر آخر. وأخبرونا بأنهم رأوا تجاوز الخطوط الحمراء الأمريكية عدة مرات، وذلك منذ أن عبّر باراك أوباما عن “الخطوط الحمراء” لأول مرة في عام 2012، ورغم ذلك لا يزال نظام الأسد بلا عقاب جنبًا إلى جنب مع شريكه في تجارة المخدرات وهو النظام الإيراني، وعليه، سيحتاج الوضع إلى أكثر من مجرد تشريعات للتغلب على شكوك السوريين حول جدية أمريكا هذه المرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

للاشتراك في قائمتنا البريدية اليومية ، املأ النموذج التالي:

Scroll to Top