تحديات مزدوجة تواجه إيران: هبوط نسبة الانتخابات وانهيار الاقتصاد
إيران تشن حرب سفن جديد في بحر عمان وتستولي على سفينة نفط عراقية متوجهة لتركيا
في تطور يُشبه حرب الناقلات التي عرفتها المنطقة في الثمانينيات، شهدت المياه الدولية قبالة سواحل الخليج الفارسي تصاعدًا جديدًا في التوترات بعد استيلاء إيران على إحدى ناقلات النفط في بحر عمان. هذا الحدث، الذي استهدف سفينة تابعة للعراق ومتجهة إلى تركيا، يجسد تجديدًا للقلق بشأن الأمن البحري في المنطقة، ويستحضر ذكريات صراعات الماضي بين الدول المجاورة.
إن استيلاء إيران على السفينة يسلط الضوء على سياسة طهران الإقليمية، حيث تسعى لتعزيز نفوذها وسط التوترات الإقليمية، وهو ما يعكس الجهود الرامية إلى تعطيل الحركة البحرية وزعزعة استقرار المنطقة. تأتي هذه الأحداث في سياق تصاعد التوترات في المنطقة، بما في ذلك القرار الأخير لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن الحوثيين في اليمن.
تأكيد وزارة الخارجية الأمريكية على ضرورة الإفراج الفوري عن السفينة، إلى جانب الدعم العالمي للعمليات البحرية التي يقودها الولايات المتحدة، يعكس الحاجة الملحة إلى تنسيق دولي فعّال لضمان حرية الملاحة وتحقيق الاستقرار في المنطقة. يثير هذا الحادث مخاوف جديدة بشأن التأثير السلبي المحتمل على التجارة العالمية، بالإضافة إلى التأكيد على ضرورة التعاون الدولي لمواجهة التحديات الأمنية في المياه الدولية.
الانتخابات الإيرانية: تضاؤل المشاركة في الحكم اللاهوتي
أظهرت الانتخابات البرلمانية الأخيرة في إيران تحولاً عميقاً في مزاج الناخبين، مع انخفاض نسبة المشاركة الانتخابية إلى مستوى قياسي منخفض جداً يقل عن 40% منذ الثورة في عام 1979. في العاصمة طهران، من بين 10 ملايين ناخب مؤهل، لم يتجاوز عدد المصوتين 2.4 مليون، مسجلاً رقماً قياسياً جديداً لعدم المشاركة في عصر الحكم الإسلامي.
عبر جزء بارز من السكان عن اعتراضهم من خلال تقديم بطاقات انتخابية باطلة، مزينة بشكل بارع بأسماء وشعارات نجوم كرة القدم، تفوقت على أعداد الأصوات التي حصل عليها أكثر المرشحين شعبية. كشفت الأرقام الرسمية أن أكثر من 380,000 بطاقة انتخابية تم إبطالها، متجاوزة عدد الأصوات التي حصل عليها المرشح الأكثر شعبية والبالغ عددها 340,000 صوت.
أثر فشل الفصائل المتشددة في توحيد قائمة مرشحين موحدين لطهران بشكل كبير على نتيجة الانتخابات. ظهرت الكتلة الحافظة بقوة، وفازت بجميع المقاعد الثلاثين، في حين نجح الجبهة المتحدة للثورة الإسلامية، برئاسة النائب السابق لرئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، في تأمين مقعد وحيد. وجد قاليباف، الذي حل في المرتبة الرابعة بعد فرز ثلثي الأصوات، نفسه في منافسة مع مؤيدي مجموعة محمد تقي مصباح يزدي، الذين اشتهروا بتبرير العنف من خلال فتاوى دينية ضد المعارضين للشريعة.
في سباق غير متنازع عليه، حصل الرئيس إبراهيم رئيسي على فترة ولاية ثالثة في مجلس خبراء الإرشاد بنسبة تصويت 82% في جنوب خراسان. تجري نقاشات حالياً حول ترقية شخصيات مثل محمد جواد ظريف في خطوة استراتيجية لتعزيز متانة النظام واستمراريته.
بغض النظر عن السيناريوهات المحتملة سواء كان الأمر عن طريق الخلافة أو مجلس القيادة، سيكون اللعب بالسلطة النهائي للحرس الثوري الإيراني، حتى يتمكن من مواصلة سياسته الخارجية الارهابية في محاولة لبناء ميدان حيوي يذكرنا بالإمبراطورية الشيعية المزعومة نحو دولة إقليمية فائقة بحلول عام 2030، كما اقترحته مجلس تقييم الاستدانة ووافق عليه خامنئي.
مناورات إيران الاقتصادية: الجزائر، سوريا، الصين
رفضت السودان مقترح قاعدة بحرية إيرانية على سواحل البحر الأحمر لتجنب التوترات مع الولايات المتحدة وإسرائيل، وفي هذا السياق، قام الرئيس رئيسي بزيارة الجزائر، أول زيارة له خلال 14 عامًا، لتعزيز العلاقات الثنائية والتعاون الإقليمي، مع التركيز على مناطق الساحل والصحراء الغربية، وتعزيز الشراكات الاقتصادية والثقافية والتكنولوجية. وخلال قمة المؤتمر العالمي لمنتجي الغاز الطبيعي السابعة، قدّم رئيسي إيران كمساهم أساسي في مجال الطاقة، مسعىً لاستقطاب استثمارات في قطاع الغاز الطبيعي لتجنب العقوبات الأمريكية وتعزيز الاستقرار الإقليمي.
على الرغم من العقوبات الأمريكية الأخيرة، تقوم إيران وسوريا بإطلاق منطقة حرة مشتركة، حيث تستثمر إيران في البنية التحتية السورية والطاقة والصناعات الدوائية والإسكان. في الوقت نفسه، ورغم كونها الشريك التجاري الثامن والثلاثين للصين بحجم تجاري بلغ 32 مليار دولار، تعطي إيران الأولوية للشركات الصينية في مشاريع البنية التحتية في طهران. وتواجه هذه الخطوة، خلال فترات الركود الاقتصادي، انتقادات لتجاهل الخبرة المحلية لصالح تأمين دعم بكين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وفي الوقت نفسه، تعكس تأخيرات المفاوضات الداخلية بشأن الأجور في إيران، مع اقتراح الحكومة لزيادات أجور غير كافية مقابل تضخم بنسبة 40٪، تفضيل المطامع الدولية على الحالة الداخلية. تأتي هذه الأولوية في ظل تعمق الأزمة الاقتصادية، مما أشعل الاحتجاجات وأبرز الفوارق، خاصة مع استمرار إيران في تخصيص تمويلات كبيرة لوكلائها الإقليميين، مما يزيد من ضغوط اقتصادها ويفاقم معاناة العمال الإيرانيين.