بقلم: كاثرين بيريز-شاكدام و رانيا قيسر – المركز الأمريكي لدراسات الشام، 23 يوليو 2024.
سيبقى الأمن القومي الإسرائيلي محفوفا بالمخاطر إلى حين وجود قرارات سياسية أميركية حاسمة تحافظ فيها على حلفائها في الشرق الأوسط، باستراتيجية واضحة لردع خطط إيران المستقبلية، التي ستؤدي إما إلى إنهاء هذه الحرب ذات التنسيق الجماعي ضد إسرائيل أو إلى بداية حقبة إقليمية جديدة. بينما يراقب العالم الانتخابات الأمريكية المقبلة، تستمر إيران باستغلال الضعف المعيب لدى الادارة الحالية لتضخم المزايا الاستراتيجية التي تدعيها.
استقرار الإقليم بأكمله يعتمد على السياسة الأميركية الجديدة القادرة على هندسة استراتيجية جديدة للوضع الحالي.
تورط الحرس الثوري الإيراني في هجوم مدمنين القات على تل أبيب
أثبتت الأدلة بشكل قاطع تورط الحرس الثوري الإيراني المباشر في الهجمات الأخيرة التي طالت تل أبيب في 19 يوليو حيث أن الدقة التقنية الاستراتيجية المتقدمة التي تم استخدامها تفوق قدرات جيش الخرقة بموارد بدائية، مدمنين القات، الحوثيين بتنفيذ مثل هذه العملية المعقدة بشكل مستقل.
عمل القادة والمستشارين من الحرس الثوري الإيراني بالتأثير المباشر على القدرات العسكرية للحوثيين ونشر مدربين على الصواريخ والطائرات بدون طيار، بالإضافة لمشغلين لهم في اليمن يقوم على توفير الدعم الاستخباراتي التكتيكي، وهو الجزء الذي لا يتجزأ من التنفيذ لمثل هجمات تل ابيب الاخيرة.
إيران تطلق استراتيجية هجوم جديدة
كشفت المصادر أن الضربة التي قيل عنها في البداية ضربة محظوظة أنها تكتيكا محسوبا ومنسق من قبل إيران شملت عدة ذات الصواريخ والطائرات المسيرة التي سبق أن استخدمتها إيران من خلال الهجمات التي شنتها باسم الحوثي ضد المملكة العربية السعودية والإمارات منذ 2014.
تضمنت الأهداف الجوية الخمسة التي أطلقت باتجاه تل أبيب من اليمن، طائرات “التايفون” و”شاهد-136″، بالإضافة إلى الاستخدام الأول للطائرة بدون طيار “صمد-3” المحسنة، التي انضمت إليها طائرة مسيرة أخرى من العراق. قطعت “صمد-3” مسافة 2600 كيلومتر من اليمن عبر البحر الأحمر وصولاً إلى إريتريا، ثم شمالاً عبر السودان ومصر، لتقترب من تل أبيب من البحر الأبيض المتوسط على ارتفاع منخفض، حاملة رأساً حربياً صغيراً التي تم تطوير هذه الأسلحة بأنظمة توجيه GPS وGNSS المتقدمة، مما يمكنها من تنفيذ مهمات بعيدة المدى وتجنب الكشف.
تقييم الرد الإسرائيلي: النجاح التكتيكي مقابل الفعالية الاستراتيجية
استمرت الهجمات الحوثية المدعومة من إيران بعد الغارات الجوية الإسرائيلية على ميناء الحديدة في 22 يوليو، مما يؤشر على عدم تأكيد الفعالية الاستراتيجية للعملية العسكرية التي قامت بها قوات الطيران الاسرائيلي، بالرغم من القدرات العسكرية الهائلة التي شارك فيها اثنتا عشرة طائرة متقدمة، بما في ذلك طائرات F-15 وF-16 وF-35، استهدفت البنية التحتية العسكرية ومنشآت النفط وأدت إلى مقتل أكثر من ستة أشخاص وإصابة المئات حيث أكدت صور الأقمار الصناعية، تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي حول الحرائق التي شوهدت من كافة أنحاء الشرق الأوسط واستمرت لمدة يومين، الأضرار الواسعة التي التهمت فيها النيران منطقة تخزين الوقود، ودمرت خمسة رافعات، وخفضت سعة تخزين الوقود في الميناء من 150,000 إلى 50,000 طن.
استمرت أيضا فعالية استراتيجية إيران في الإنكار المعقول الذي استخدم هذه الجماعات التي تساهم في زعزعة استقرار الإقليم حيث قامت مليشيا حزب الله اللبناني بتكثيف الهجمات العسكرية ضد إسرائيل واستئناف حزب الله الجنوبي، المعروف بالحوثي هجومهم من اليمن. أدان حسن نصر الله الرد الإسرائيلي على اليمن، مؤكدا وحدة محاور المقاومة ولوح برد جماعي، بينما نشرت وسائل إعلامه لقطات زيادة استعداده، حشد مقاتليه، وتعزيز مواقعه بالإضافة لشن هجمات انتقامية ورسائل تحذير لإسرائيل من عواقب التصعيد.
علق المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي هاغاري واصفا هجمات حزب الله الأخيرة قائلاً: “تهديد الطائرات بدون طيار التي أطلقها حزب الله على شمال إسرائيل هو تهديد وجودي، وهو أكبر من محاولات الحوثيين إطلاق طائرات بدون طيار على إسرائيل.” وأشار إلى أن التقييمات ستجرى لفهم تسلسل الأحداث ولصياغة الردود الدفاعية والهجومية المطلوبة.
طهران تستغل التحذيرات الأمريكية وتهدد الاستقرار الإقليمي
في 19 يوليو 2024، وفي نفس يوم الهجوم على تل أبيب، أصدر كل من بلينكن وسوليفان تحذيرات واضحة لإسرائيل وحلفائها، مؤكدين أن إيران تبعد أسبوعاً إلى أسبوعين فقط عن الحصول على مواد انشطارية كافية لصنع سلاح نووي. وأعلن البيت الأبيض سابقاً عن تورط كبير للجمهورية الإسلامية في الهجمات الأخيرة التي شنها المتمردون الحوثيون في اليمن على السفن التجارية في البحر الأحمر، مؤكداً أن طهران زودت الحوثيين بطائرات بدون طيار وصواريخ ومعلومات استخباراتية تكتيكية. صرح نائب قائد القيادة المركزية الأمريكية، الأدميرال براد كوبر، بأنهم على دراية بقيام الحرس الثوري الإيراني بتقديم المشورة وإعادة تزويد الحوثيين بالمعلومات عن الأهداف في اليمن، لكن لم يتم اتخاذ قرار سياسي لمواجهة هذه الأعمال.
وبالتالي استغلت طهران هذه التحذيرات الأمريكية، وأدانت الغارات الجوية الإسرائيلية، ووصفتها بأنها مغامرة خطيرة قد تشعل حرباً إقليمية. وأصدر النظام الإيراني تحذيراً مباشراً من عواقب وخيمة، مستغلاً الادعاءات بقدرتهم النووية الوشيكة والفشل الأخير للدفاعات الجوية الإسرائيلية لتعزيز هيمنتهم واستراتيجيتهم في المنطقة.
وبينما أعلنت تل أبيب تحديث قائمة أهدافها في اليمن وزيادة الضربات المرحلية، يبقى نجاح وفعالية أي تدابير أمنية ستتخذها إسرائيل موضع تساؤل دون سياسة رد أمريكية جديدة تجاه إيران.
الأسئلة الشائعة
ما هي الأدلة التي تشير إلى تورط الحرس الثوري الإيراني في هجمات 19 يوليو؟
استخدام التكنولوجيا المتقدمة والدقة الاستراتيجية في الهجمات، بالإضافة إلى وجود قوات الحرس الثوري الإيراني المعروف في اليمن، يوفر أدلة دامغة على تورطهم.
كيف تطورت قدرات الحوثيين مع مرور الوقت؟
تلقى الحوثيون دعماً كبيراً من الحرس الثوري الإيراني، بما في ذلك أسلحة متقدمة وتوجيه استراتيجي، مما عزز قدراتهم العسكرية بشكل كبير.
ما هي الأهمية الاستراتيجية للطائرة بدون طيار “صمد-3” في الهجمات؟
مسار الطيران الطويل ونظم التوجيه المتقدمة للطائرة بدون طيار “صمد-3” مكنتها من تجنب الكشف وتوجيه ضربة دقيقة، مما يبرز تعقيد العملية.
كيف ردت إسرائيل على هجمات 19 يوليو؟
شنت إسرائيل غارات جوية على ميناء الحديدة، مستهدفة البنية التحتية العسكرية ومنشآت تكرير النفط، مما أظهر قدرتها العسكرية الهائلة.
ما هي التداعيات الجيوسياسية الأوسع لهذه الأحداث؟
تسلط مشاركة الحرس الثوري الإيراني والردود الاستراتيجية من إسرائيل والولايات المتحدة الضوء على الطبيعة المتشابكة للصراعات الإقليمية والحاجة إلى نهج دولي شامل.
ما هي التطورات المستقبلية المحتملة في هذا الصراع؟
يبقى احتمال التصعيد المستقبلي مرتفعاً، مع مشاركة قوى إقليمية وعالمية متعددة مما يستلزم تخطيطاً استراتيجياً وتنسيقاً دقيقاً.
ندعوكم لمشاركة آرائكم حول بقاء إسرائيل واستراتيجية أمريكا الجديدة اتجاه إيران. كيف ترون تداعيات الهجوم الأخير على تل أبيب وتورط الحرس الثوري الإيراني والتطورات الإقليمية؟ إن آرائكم مهمة، شاركونا في الحوار!