ACLS

أزمة سوريا في يوليو: كيف تحول اختطاف محلي إلى صراع إقليمي

Today's Headlines

الملخص التنفيذي:

تحولت حادثة سرقة تبدو بسيطة إلى عنف طائفي، وتدخل عسكري إسرائيلي، وأجبرت الحكومة السورية في النهاية على الانسحاب من السويداء. أسفرت الأزمة عن مقتل أكثر من 1120 شخصًا، بما في ذلك 194 إعدامًا ميدانيًا موثقًا منذ 13 يوليو/تموز. أعدمت ميليشيات درزية مدنيين بدو وأحرقت منازل عقب انسحاب الحكومة، بينما اعترف احد  المقاتلين الاسرى  بأن 200-300 مقاتل أوزبكي/تركستاني أجنبي شاركوا في هجمات ضد المدنيين الدروز مزودين  بأوامر لارتكاب “إبادة جماعية طائفية”. قصفت إسرائيل مبنى هيئة الأركان العامة في دمشق والقصر الرئاسي في 16 يوليو/تموز، مما أجبر سوريا على تقديم تنازلات إقليمية غير مسبوقة. أعلن المبعوث الأمريكي باراك وقف إطلاق النار في 21 يوليو/تموز مع بدء ترتيبات تبادل الأسرى، لكن العنف الطائفي لا يزال مستمرًا بينما تُجلي حافلات سورية 1500 مدني بدوي، بينما يحاول مقاتلو القبائل إنقاذ النساء والأطفال المختطفين. هدد مجلس البدو الأردني أفرادًا إسرائيليين، مما أثار مخاطر تصعيد عبر الحدود. ونظراً لاستهداف إسرائيل غير المسبوق للبنية التحتية للقيادة السورية وتورط المقاتلين الأجانب الموثق، فإن المنطقة تواجه مخاطر متصاعدة من شأنها أن تزعزع استقرار البنية الأمنية الأوسع في بلاد الشام.

يُمثل هذا الجدول الزمني الشامل دراسة حالة بالغة الأهمية في ديناميكيات التصعيد الناشئة في سوريا الجديدة. يتبع حادث السويداء أنماطًا مماثلة من الاشتباكات السابقة في جميع أنحاء سوريا منذ أوائل عام 2025 (انظر آخر بند في التقرير بعنوان: مجازر الساحل، مارس 2025: تأخر شفافية الشرع). ومع ذلك، تُمثل الضربة الإسرائيلية على دمشق تصعيدًا غير مسبوق تاريخيًا. وبينما لا يزال إسناد الأفعال المحددة غير واضح، فإن التدخل الإسرائيلي يثير تساؤلات مهمة بشأن التدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة. سيُطور صانعو السياسات الذين يدرسون هذا الجدول الزمني رؤى قيّمة حول التفاصيل التشغيلية الأساسية لصياغة حلول فعالة ومستدامة. تم التحقق من المعلومات التالية من مصادر مستقلة متعددة.

=================

أزمة سوريا في يوليو: كيف تحول اختطاف محلي إلى صراع إقليمي

 

١١ تموز: سرقة سائق درزي تشعل فتيل الأزمة

اندلعت شرارة الأزمة في ١١ تموز ٢٠٢٥ عندما أقدم مسلحون من العشائر البدوية على نصب كمين لسائق شاحنة درزي بالقرب من خربة الشياب ومنطقة الفيلق الأول في ريف دمشق. وبحسب شهادة السائق، قامت المجموعة المسلحة بسرقة مركبته، وحمولتها، ومبلغ سبعة ملايين ليرة سورية (حوالي ٦٩٥ دولارًا أمريكيًا)، قبل أن تتركه في منطقة نائية.

عقب الإفراج عن السائق ونشر شهادته، تفجرت اشتباكات عنيفة، حيث هاجم مسلحون دروز  حي المقوس شرق السويداء—المعروف بأنه أحد معاقل العشائر البدوية—في محاولة لتحرير عشرة دروز احتجزتهم العشائر في وقت سابق، كرد انتقامي على قيام مجموعات درزية باختطاف عدد من أفراد تلك العشائر خلال الفترة ذاتها. تصاعد التوتر الطائفي بسرعة، ما أدخل المنطقة في دوامة من العنف المتبادل والانقسام المجتمعي العميق.

١٣ تموز: دمشق تسيء تفسير الإشارات

مع تصاعد الاشتباكات بين الدروز والبدو، تدخل الجيش السوري بزعم “فصل المتقاتلين”  استجابةً لطلب الأهالي. إلا أن الفصائل الدرزية اتهمت الجيش بالانحياز للقبائل، رغم تأكيد موقع “زمان الوصل” أن القوات الحكومية لم تكن برفقة البدو في ذلك الوقت. وكان الشيخ حكمت الهجري ،احد المراجع الدينية للدروز، قد دعا في البداية لتدخل الجيش، لكنه عاد بعد ساعات ودعا إلى مقاومة مسلحة ضد القوات الحكومية. وسرعان ما نصب مقاتلون دروز كميناً لقوات الأمن السورية التي وصلت إلى السويداء لفصل الأطراف المتنازعة، ما أسفر عن مقتل ١٤ عنصراً من القوات الحكومية.

وفي تطور خطير، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن عدد القتلى خلال ذلك اليوم بلغ ١٦٦ شخصًا على الأقل، بينهم ٢١ حالة إعدام ميداني ، و ثلاثة نساء قُتلن على يد عناصر من وزارتي الدفاع والداخلية.

يوم تدخل الجيش السوري في السويداء،  كان أحمد الشرع في أذربيجان يجتمع مع نظرائه الإسرائيليين للتفاوض على اتفاق بشأن جنوب سوريا.  وورد أن الشرع والحكومة السورية المؤقتة اعتقدا – خطأً – أنهما حصلا على موافقة أمريكية وإسرائيلية على نشر قوات في السويداء، استنادًا إلى رسائل عامة وخاصة، بما في ذلك تصريحات المبعوث الأمريكي توماس باراك العلنية المؤيدة لدولة سورية مركزية.  فسّر المسؤولون السوريون هذه التصريحات على أنها موافقة ضمنية على فرض السيطرة على المناطق الدرزية، وزعموا لاحقًا أن المحادثات الأمنية في باكو وصمت الولايات المتحدة إزاء التقدم الأولي للجيش السوري عززا هذا الافتراض.

١٤–١٥ تموز: الجيش السوري يردّ وتصاعد العنف الطائفي

في ١٤ تموز، بدأت وزارة الدفاع السورية بتحريك قواتها لمهاجمة الفصائل الدرزية المسلحة التي قتلت ١٤ عنصرًا من الأمن الحكومي في اليوم السابق. وبحلول ١٥ تموز، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بوصول وحدات من الجيش السوري إلى السويداء وارتكابها انتهاكات وصفت بأنها تكرار  لمجازر الساحل في آذار ٢٠٢٥، بما في ذلك استهداف الطواقم الطبية الدرزية.

وبالتوازي، بدأت تقارير إعلامية تشير إلى أن القوات الحكومية التي تنفذ هذه العمليات كانت مدعومة بمجموعات مسلحة غير حكومية، من بينها مقاتلون من العشائر البدوية، ما أضفى طابعًا طائفيًا خطيرًا على الصراع الدائر في المحافظة.

أفادت مصادر إعلامية رئيسية عديدة أن سكان السويداء وثّقوا انتهاكات جسيمة، شملت إعدامات ونهبًا وحرقًا للمنازل، عقب انتشار القوات الحكومية والمجموعات المرافقة لها. وأفادت شبكة السويداء 24 بتجدد العنف في ريف السويداء الغربي إثر هجمات مفاجئة فجرا بطائرات مسيرة على قرى  وتقدم آليات عسكرية من شرق درعا، مما أسفر عن سقوط ضحايا واشتباكات مسلحة بين القوات المهاجمة والفصائل المحلية المدافعة والمدنيين.

أفاد تلفزيون سوريا بانتهاكات ارتكبتها مجموعات مرافقة للقوات الحكومية خلال العمليات العسكرية في السويداء، رغم أوامر حماية المدنيين، حيث تداول ناشطون مقاطع فيديو تُظهر انتهاكات بحق السكان وسرقة ممتلكاتهم، ما أثار استنكارًا واسعًا. وأكدت عنب بلدي  تصاعد الانتهاكات مع اقتحام مجموعات مرافقة للقوات الحكومية صالة الرضوان في السويداء، ما أسفر عن مقتل 15 مدنيًا فيما وصفته شبكة الراصد بإعدامات ميدانية، فضلًا عن نهب المحلات التجارية وإجبار المدنيين على النزوح تحت سماء السويداء تحت وطأة تحليق الطيران .

في الوقت نفسه، في محافظة درعا، أصابت مجموعات مسلحة من السويداء أربعة مدنيين، بينهم امرأة وثلاثة أطفال، في قرية أم ولد، بينما هاجمت مجموعات أخرى بلدة بصر الحرير بقذائف الهاون، ما أسفر عن مقتل ستة جنود سوريين. وتمت مطالبة سكان احدى بلدات  الدروز بالإجلاء بعد أن حاصرت قوات العشائر بلدتهم بعد اشتباكات بين مقاتلين دروز وبدويين أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى.

مع تصاعد الاشتباكات، بدأت مقاطع فيديو تُوثّق انتهاكات طائفية بالظهور. وثّقت “زمان الوصل” 23 انتهاكًا، منها حلق شوارب قادة دروز من قِبل قوات الأمن. ووقعت خمسة عشر انتهاكًا بحق مقاتلين دروز أسرى، وثمانية بحق مدنيين.

من أكثر الحوادث إثارةً للقلق مجزرةٌ وقعت في مستشفى بالسويداء. أفادت  منصة ICAD، وهي مجموعة تحقيق استخباراتية مفتوحة المصدر، أن مجزرة مستشفى السويداء وقعت أثناء سيطرة فصائل مسلحة خارجة عن القانون – وليست قوات حكومية – على المنشأة. من خلال تحليل الموقع الجغرافي والطابع الزمني لمقاطع فيديو مُتحقق منها، تتبعت ICAD استيلاء المسلحين  على المستشفى في 15 يوليو/تموز ونيتهم المعلنة للقضاء على قوات الأمن السورية المتحصنة داخله. في اليوم التالي، أظهرت أدلة الفيديو والمقابلات أن المسلحين يدّعون أنهم قتلوا تلك القوات. لم تستعد القوات الحكومية السيطرة على المستشفى إلا في وقت لاحق من ظهر ذلك اليوم، وبعد ذلك تم اكتشاف موقع المجزرة والجثث – بما في ذلك مدنيون وأفراد أمن. تتحدى نتائج ICAD بشكل مباشر مزاعم ارتكاب القوات الحكومية السورية لعمليات القتل.

واصلت قوات الجيش السوري محاربة الجماعات الخارجة عن القانون، وتكبدت خسائر بشرية ومادية في هجمات صباح يوم الاثنين 14 يوليو/تموز. وتداول ناشطون مقاطع فيديو تُظهر  جنودًا من الجيش السوري يتعرضون للتعذيب على يد فصائل درزية في السويداء. قُتل أربعة جنود وجُرح نحو عشرة في هجمات شنتها جماعات درزية استهدفت وحدات الجيش المُرسلة لفضّ القتال الدامي بين العشائر والفصائل المحلية منذ يوم الأحد.

١٤–١٦ تموز: تدخل عسكري إسرائيلي

مع تصاعد الاشتباكات المحلية في محيط السويداء، شنّت إسرائيل في ١٤ و١٥ تموز سلسلة غارات جوية استهدفت  آليات ومواقع تابعة للجيش السوري داخل المحافظة. تركزت الضربات على قوات النظام والدبابات قرب قريتي سميع والمزرعة، أثناء الاشتباكات بين الجيش السوري، العشائر البدوية، والفصائل الدرزية، وأسفرت عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف الجنود.

وفي ١٥ تموز، شنّت الفصائل المحلية في السويداء هجمات مضادة واستعادت نقاطاً استراتيجية، بينما سُجّلت انتهاكات من الطرفين، شملت سقوط ضحايا مدنيين وعمليات نهب. وزارة الخارجية السورية دانت التدخل الإسرائيلي، في حين أعلن وزير الدفاع، مرهف أبو قصرة، في اليوم نفسه، أن الحكومة توصّلت إلى اتفاق هدنة مع وجهاء السويداء، يتضمّن سحب القوات الحكومية من المحافظة.

رغم إعلان أبو قصرة، توسّعت الغارات الجوية الإسرائيلية يوم الأربعاء 16 يوليو/تموز، مستهدفةً درعا وريف دمشق وطريق دمشق-السويداء، مستهدفةً اللواء 132 وبلدتي جباب وموثبين، ومقتل ثلاثة عناصر من الأمن العام على حاجز. كما استهدفت غارات إسرائيلية إضافية أطراف قطنا ومعدات عسكرية في الكسوة.

أفادت التقارير أن الغارات الجوية الإسرائيلية فاجأت حكومة الشرع، التي زعمت، كما ذُكر آنفًا، أنها ظنت أن لديها الضوء الأخضر للتدخل وتهدئة العنف المحلي بين الدروز والبدو. كما زعمت أنها أساءت فهم رسالة واشنطن، مما دفع وزير الخارجية روبيو إلى توضيح أن إسرائيل تحركت بشكل مستقل لمواجهة العنف المتصاعد على الأرض، دون أي موافقة أمريكية.

ومع ذلك، واصلت قوات الحكومة السورية تقدمها في شرق السويداء يوم 16 يوليو/تموز ، على الرغم من الضربات والتحذيرات الإسرائيلية، حيث اقتربت من السيطرة الكاملة مع تراجع الفصائل المحلية جنوباً وشرقاً.

١٦–١٧ تموز: تصعيد غير مسبوق وانسحاب سوري

رداً على استمرار تحركات قوات الأمن السورية، نفذت إسرائيل تصعيداً عسكرياً غير مسبوق في تاريخ النزاع، حيث استهدفت مواقع حكومية بارزة في قلب العاصمة دمشق. غارة جوية إسرائيلية دمرت  مبنى هيئة الأركان العامة للجيش السوري، وتبعها هجوم جوي آخر أصاب القصر الرئاسي  مباشرة، ما أدى إلى خروجه عن الخدمة بالكامل.

وبحسب وزارة الصحة السورية، أسفرت الضربات عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة ٣٤ آخرين. كما أغلقت هيئة الطيران المدني السورية الممر الجوي الجنوبي مؤقتاً نتيجة القصف، فيما قُتل المسؤول الإعلامي في درعا حسن أحمد الزعبي، وأُصيب صحفيان آخران خلال تغطيتهما لأحداث السويداء.

في أعقاب التصعيد الإسرائيلي، أعلن الرئيس السوري الشرع في الساعات الأولى من صباح الخميس 17 يوليو/تموز انسحاب الجيش السوري  وقوى الأمن الداخلي من السويداء، مكلفًا الفصائل المحلية والقيادات الدينية بحفظ الأمن لتجنب “مواجهة مفتوحة” مع إسرائيل. وأوضح الشرع أن الحكومة تدخلت لوقف الاقتتال الداخلي بين الجماعات المسلحة الناجم عن نزاعات طويلة الأمد، إلا أن الضربات الإسرائيلية على المنشآت المدنية والحكومية عقّدت الوضع ودفعت نحو تصعيد واسع النطاق. وأوضح الشرع أن الوساطة الأمريكية والعربية والتركية طرحت خيارين: حرب مفتوحة مع إسرائيل على حساب أمن الدروز واستقرار المنطقة، أو السماح لوجهاء الدروز بتغليب المصلحة الوطنية. وقال الشرع إنه اختار حماية الوحدة الوطنية من خلال تكليف الفصائل المحلية وشيوخ الدين بمسؤولية الأمن، مؤكدًا أن “الدروز جزء لا يتجزأ من نسيج هذا الوطن”.

وفي الوقت نفسه، اتهم الشرع إسرائيل بإثارة الصراع، مشيرا إلى أن التقارير عن انتهاكات وزارتي الدفاع والداخلية ضد المدنيين والعسكريين كانت مطابقة لانتهاكات مماثلة ارتكبتها الفصائل الدرزية المحلية ضد قوات الأمن الحكومية.

١٦–١٨ تموز: تسليم الأمن يشعل موجة نزوح جماعي

أعلنت الطائفة الدرزية يوم الأربعاء ١٦ تموز عن اتفاق لوقف إطلاق النار مع الحكومة السورية عبر الشيخ يوسف جربوع، تضمن وقفاً فورياً للعمليات العسكرية، عودة الجيش السوري إلى ثكناته، نشر شرطة محلية من محافظة السويداء، تنظيم الأسلحة الثقيلة، دمج كامل للمحافظة ضمن مؤسسات الدولة، التحقيق في الانتهاكات، وتقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وكانت القوات الحكومية قد اقتربت من السيطرة الكاملة على مدينة السويداء، حيث انتشرت قوى الأمن الداخلي في الأحياء الشرقية وشرعت بعمليات تمشيط ضد الفصائل المسلحة. في المقابل، انسحبت الفصائل المحلية باتجاه ريفي المحافظة الشرقي والجنوبي، ما مهّد لتسليم إدارة الأمن إلى المكونات المحلية، لكنه تسبب في موجة نزوح جماعي تحسباً لانفلات أمني أو أعمال انتقامية محتملة.

أفاد تلفزيون سوريا، يوم الخميس 18 يوليو/تموز، أن فصائل محلية انتشرت في أنحاء السويداء عقب انسحاب قوات الأمن الداخلي والجيش السوري، حيث قامت بتمشيط الأحياء والمناطق الريفية، بينما عادت العائلات النازحة تدريجيًا. وبدأت العشائر البدوية نزوحًا متقطعًا نحو درعا، حيث اتخذت من المساجد والمدارس في بصر الحرير  مقرًا لها، خوفًا من أعمال انتقامية بعد إجبارها على مغادرة السويداء خلال انقطاع الكهرباء والاتصالات. وجاء هذا الانتشار عقب اتفاق الأربعاء بين الطائفة الدرزية والحكومة السورية، والذي نص على دمج السويداء بالكامل في الدولة السورية، وإعادة تأهيل المؤسسات، وتشكيل لجنة لتقصي الحقائق للتحقيق في الانتهاكات، ومسؤولية الدولة عن تأمين طريق دمشق-السويداء.

هاجم الشيخ الدرزي حكمت الهجري الحكومة السورية ووصفها بـ  “التكفيرية” في أول ظهور له منذ الانسحاب العسكري، كما دعا إلى الوحدة واحترام العشائر البدوية المسالمة، مؤكداً التزامه بالتسامح رغم “الهجمات المؤلمة التي تستهدف أفراد المجتمع الدرزي”.

رغم تصريحات الهجري، أفادت التقارير  بارتكاب مقاتلين دروز محليين فظائع بحق عائلات بدوية عقب انسحاب الحكومة والبدو. أجبر مسلحون دروز عشرات العائلات على مغادرة قراهم تحت تهديد السلاح. وتداول ناشطون مقاطع فيديو تُظهر عائلات نازحة وجثث أطفال ونساء ملطخة بالدماء. وأطلقت عائلات بدوية نداءات استغاثة للتدخل والحماية، حيث طالب العشرات منهم المحاصرون قرب جبل شهبا الحكومة بإجلائهم لإنقاذهم من انتقام الفصائل الدرزية المحلية.

١٨ تموز: انهيار الهدنة وتجدد العنف

انهارت الهدنة في ١٨ تموز بعد إعلان قادة بدو أن اتفاق وقف إطلاق النار لا يشملهم. وقال أحد القادة العسكريين من البدو لوكالة رويترز إن مقاتلي العشائر شنوا هجمات جديدة على الفصائل الدرزية في السويداء، موضحاً أن الهدنة المعلنة يوم الأربعاء كانت محصورة بالقوات الحكومية ولا تُلزم المقاتلين البدو الذين يسعون لتحرير أفراد من قبائلهم تم احتجازهم على يد مقاتلين دروز. أدى ذلك إلى عودة الاشتباكات في مناطق متفرقة من المحافظة، في ظل انهيار التفاهمات الأمنية وتصاعد حدة المواجهات الطائفية، ما يهدد بتوسيع رقعة العنف ويقوض الجهود المحلية والدولية لتثبيت الاستقرار في المنطقة.

اندلعت اشتباكات بين أهالي بلدتي سعسع والمقروصة  بريف دمشق الغربي، على خلفية هجمات انتقامية تستهدف عشائر بدوية في السويداء، فيما أفاد تلفزيون سوريا بمهاجمة قوات عشائرية بدوية لمناطق في ريف السويداء الغربي، في الوقت الذي انتشرت فيه فصائل محلية في أنحاء المحافظة عقب انسحاب الجيش السوري، واستمرار نزوح العائلات البدوية إلى درعا.

١٩ تموز: تدخل إسرائيلي متجدد لوقف تقدم العشائر في السويداء

مع اقتراب مقاتلي العشائر من أطراف مدينة السويداء مجددًا في ١٩ تموز، تدخلت إسرائيل مجددًا لوقف تقدمهم. فجر الجمعة، شنّت الطائرات المسيرة الإسرائيلية أربع ضربات جوية  استهدفت مواقع داخل محافظة السويداء. وذكرت قناة “سوريا تي في” أن الغارات وقعت في وقت كانت فيه قوات قبلية من درعا ودير الزور ومناطق سورية أخرى تحقق تقدماً ميدانياً على حساب فصائل مسلحة محلية، وذلك إثر مواجهات عنيفة بين الطرفين. وانتشرت مقاطع مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي نُسبت إلى مقاتلين قبليين، توثّق التقدّم والسيطرة على بعض المناطق في ريف السويداء، في حين لم يصدر تعليق فوري من الحكومة السورية بشأن الغارات أو التطورات الميدانية.

٢٠ تموز: الهجري يعلن ممرات خروج آمنة للبدو جوخ وسط انتهاكات ارتكبتها فصائل درزية

أصدر الشيخ حكمت الهجري في ٢٠ تموز بيانًا بشأن اتفاق السويداء الذي تم التوصل إليه برعاية ما وصفه بـ“دول ضامنة” ، ونصّ على منع دخول أي طرف إلى القرى الحدودية لمدة ٤٨ ساعة، والسماح بخروج آمن لما تبقى من أبناء القبائل. حدّد البيان ممرات إنسانية آمنة شملت بصرى الحرير وبصرى الشام للحالات الطارئة، ودعا المجموعات المدنية إلى عدم مغادرة المحافظة والامتناع عن الأعمال القتالية. كما أعلن عن نشر حواجز تابعة للأمن العام خارج الحدود الإدارية للسويداء لضبط التوترات ومنع تسلل عناصر مسلحة. بالتزامن، أعلنت الرئاسة السورية وقفًا شاملًا لإطلاق النار في جميع المناطق بهدف وقف نزيف الدم وحماية وحدة الأراضي السورية، داعية جميع الأطراف لوقف الأعمال القتالية، تأمين المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية.

في اليوم نفسه، شنّت ميليشيات درزية موالية للشيخ حكمت الهجري  هجمات منسقة على تجمعات بدوية عقب انسحاب الجيش السوري، فأعدمت ثلاثة مدنيين، وقتلت 18 مسلحًا، وأحرقت منازل في أحياء الـمقوس وساحة البلاطة وعرّة، وأفاد شهود عيان بوقوع عمليات إعدام وتشويه واغتصاب استهدفت النساء والأطفال. وأجلى الدفاع المدني أكثر من 50 عائلة، فيما أُخليت قرى بدوية بأكملها، بينما أكد مساعد الأمين العام للأمم المتحدة، خيري، حدوث نزوح جماعي خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن، وطالب بإجراء تحقيق سوري في الفظائع المرتكبة.

٢١ تموز: واشنطن ترعى هدنة متوترة والهجري يرفض دخول الوفد الحكومي

أعلن المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا،  توماس باراك، يوم الأحد ٢١ تموز، عن دخول وقف إطلاق النار بين الفصائل المتنازعة في السويداء حيّز التنفيذ عند الساعة الخامسة مساءً، مؤكدًا أن الخطوة التالية ستكون تنفيذ عملية تبادل أسرى بين الطرفين، وأن الترتيبات اللوجستية لذلك قيد الإعداد.

في المقابل، رفض المرجع الديني الدرزي، الشيخ حكمت الهجري،  دخول وفد حكومي سوري برفقة قافلة مساعدات إلى السويداء، وأصرّ على السماح للهلال الأحمر فقط بإيصال المساعدات، مطالبًا بعودة الوفد والمسؤولين إلى دمشق فورًا.

لاحقًا، أصدر الهجري بيانًا أعلن فيه الإفراج عن محتجزين من قرية أم الزيتون، مطالبًا بانسحاب القوات الحكومية من منطقة الجبل وإعادة خدمات الاتصالات إلى المنطقة.

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية، الأحد، أن إسرائيل، بالتنسيق مع واشنطن،سلمت مساعدات إنسانية وإمدادات طبية إلى السويداء، زاعمة أن نظام الأسد كان على علم مسبق بذلك، رغم أن طريقة التسليم لا تزال غير معلنة.

انتقد المبعوث الأمريكي توماس باراك التدخل الإسرائيلي في سوريا، واصفًا إياه بأنه جاء في غير وقته، ودافع عن سلوك الحكومة السورية في السويداء، داعيًا إلى حوار داخلي وإنهاء العنف العشائري. وأكد باراك على قلق الولايات المتحدة ودعمها، محذرًا من أن سوريا تقف عند مفترق طرق حرج. وسلطت وسائل الإعلام الإسرائيلية الضوء على انتقادات المبعوث الأمريكي توماس باراك للتدخل الإسرائيلي في سوريا، واصفة إياه بأنه جاء في غير وقته، مدافعًا عن عدم تدخل أمريكا في القرارات العسكرية الإسرائيلية.

كان عدد القتلى خلال أسبوع العنف الطائفي مرتفعًا. وثّق المرصد السوري ما لا يقل عن 1120 قتيلًا في اشتباكات السويداء منذ 13 يوليو/تموز،  بما في ذلك 194 إعدامًا ميدانيًا لأسباب طائفية تُذكّر بمجازر الساحل، حيث عطّل إطلاق قذائف الهاون من مواقع عشائرية عملية تبادل أسرى مُقررة في أم الزيتون ودعا المرصد إلى تحقيق مستقل من قِبل الأمم المتحدة. كما أفاد المرصد بأن مقاتلين محليين قتلوا مهاجمًا واعتقلوا آخرين، بينما استمرت عمليات التمشيط، مع بطاقات هوية وزارة الدفاع والعمليات العسكرية.

عُثر على لافتات مديرية الامن العام  على المهاجمين الذين نشروا قناصة، وأطلقوا النار عشوائيًا على المدنيين، وصُوّروا بالفيديو وهم يرتدون زيّ رجال الأمن، وهم يعتدون على مدنيين ويختطفونهما. واعترف أحد المعتقلين من فصيل أبو عمشة التابع للفرقة 62 و الله بأن 200-300 مقاتل أوزبكي وتركستاني أجنبي شاركوا في هجوم السويداء باستخدام 800 آلية عسكرية، كاشفًا عن أوامر مباشرة بقتل جميع المدنيين الدروز فيما وصفه بـ”إبادة طائفية”، بينما أخفى المهاجمون انتمائهم لوزارة الدفاع السورية لتجنب الاستهداف الإسرائيلي.

٢١ تموز: ترحيل ١٥٠٠ بدوي من السويداء تحت إشراف الهلال الأحمر

أجلت حافلات تابعة للحكومة السورية، وبإشراف الهلال الأحمر،نحو ١٥٠٠ مدني من أبناء القبائل البدوية من محافظة السويداء يوم الأحد ٢١ تموز، في ظل تصاعد التوترات. في الوقت ذاته، حاول أكثر من ١٠٠٠ مقاتل قبلي عبور حواجز الأمن العام قرب بصر الحرير لإنقاذ نساء وأطفال مختطفين تحتجزهم فصائل السويداء والمجلس العسكري، إلا أن إطلاق نار تحذيري منعهم من التقدم. بموازاة ذلك، أقدمت فصائل محلية من السويداء على إجلاء ٣٠٠ بدوي إلى بصر الحرير في ريف درعا الشرقي، وذلك ضمن ترتيبات أمنية مشتركة بين السويداء ودرعا. وفرضت القوات السورية طوقاً أمنياً حول محافظة السويداء، بينما انسحبت القوات القبلية من المدينة، وأفاد السكان المحليون بعودة الهدوء، مع تحضيرات لعودة المدنيين فور استتباب الأمن.

فرت أكثر من 3500 عائلة بدوية ودرزية ونازحة من السويداء إلى درعا بسبب الاشتباكات الطائفية والغارات الجوية الإسرائيلية وانسحابات النظام. وصرح مسؤول في درعا بأنه من المتوقع وصول 2000 عائلة أخرى مع توسع الممرات الآمنة. ويقيم العديد منهم في مدارس أو خيام مهجورة، بينما تتدفق المساعدات عبر التنسيق المحلي والدولي. وتقول السلطات إن مواعيد العودة غير مؤكدة بسبب دمار المنازل واستمرار حالة عدم الاستقرار، على الرغم من وقف إطلاق النار في 21 يوليو/تموز. ولا تزال السويداء تحت سيطرة الفصائل الدرزية بعد انسحاب البدو.

٢٠–٢١ تموز: مناشدات إقليمية متواصلة وتحذيرات متبادلة

وجّه الزعيم الروحي للدروز في إسرائيل، الشيخ موفق طريف،   رسالة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب عبر السفير الأميركي مايك هاكابي، طالب فيها بتوفير الحماية العاجلة لدروز سوريا مما وصفه بـ”المجازر المستمرة” بحقهم في السويداء.في المقابل، أصدرت مجالس عشائر البدو في الأردن تحذيراً شديد اللهجة لإسرائيل، حذرت فيه من أي تدخل عسكري في جنوب سوريا لدعم الفصائل الدرزية. وأكدت أنها ستواجه أي عناصر درزية من داخل إسرائيل أو أفراد من الجيش الإسرائيلي حال دخولهم منطقة السويداء.

تطالب “الإدارة الذاتية” التابعة لقوات سوريا الديمقراطية (SDF) بتوفير ممر لوصول المساعدات إلى السويداء، بعد أن انتهت من تجهيز قافلة إنسانية في 20 يوليو/تموز، محملة بإمدادات طبية وإغاثية، بتمويل كامل من مؤسسات الإدارة. وتنتظر القافلة مرورًا آمنًا، مع جدول زمني لتسليمها خلال أسبوع، بينما ينسق مسؤولو قوات سوريا الديمقراطية مع المنظمات الدولية، ويُعدّون قوافل إضافية في حال تأمين الطريق.

مجازر الساحل مارس 2025: تأخر الشرع في الشفافية

دعت لجنة التحقيق الدولية إلى النشر العلني لتقرير اللجنة الوطنية السورية بشأن أحداث الساحل  في مارس التي أسفرت عن مقتل 1,662 شخصاً، وذلك بعد أن تسلم الرئيس الشرع التقرير النهائي يوم الأحد وطلب من اللجنة عقد مؤتمر صحفي لتقديم النتائج مع حماية الأدلة وكرامة الضحايا. وقد تسلم الرئيس الشرع التقرير النهائي بشأن عنف الأحد الساحلي، وطلبت الرئاسة عقد مؤتمر صحفي لتقديم النتائج مع حماية كرامة الضحايا والأدلة، فيما وصفت الشبكة السورية لحقوق الإنسان ذلك بأنه “خطوة جيدة”، لكنها أشارت إلى أن التقرير قُدِّم في الواقع قبل أيام.

=================

    Subject:

    Your Voice:

    Your Name

    Your Email

    Word File:

    للاشتراك في قائمتنا البريدية اليومية ، املأ النموذج التالي:

    Scroll to Top

    To subscribe to our daily mailing list, fill out the following form: